الثلاثاء، 14 يوليو 2009

بأى ذنب قتلت؟

كتبت: ناهد نصر

أكثر ما أدهشنى فى حادث مقتل مروة الشربينى، هو دهشتنا من وقوعه. وذلك لا ينفى أن مقتل إنسان بلا ذنب يدفع على الشعور بالغضب والحزن، خاصة أن الجريمة تمت بدوافع عنصرية كريهة، وفى بلاد لا تتوقف عن نعتنا نحن كعرب بالانغلاق والتطرف والإرهاب. إلا أن الضجة التى أثيرت حول مقتلها شابها الكثير من الصخب والمبالغة، أحالتنى مباشرة لما تفعله التجمعات اليهودية المتطرفة حين تضخم كل ما من شأنه فى رأيهم أن يمثل "معاداة للسامية".ومقتل مروة الشربينى مناسبة جيدة، لإثارة قضية آلة العنصرية فى العالم والتى تنتج ضحايا بشكل يومى هنا وهناك، على أن مواجهة العنصرية بشكل عنصرى هو الطريقة الأسوأ فى التناول.مثلاً مشهد أحد الأشخاص وهو يزعق من فوق كتف أخيه بعبارة "القصاص القصاص" خلال جنازة مروة، تصيب بالفزع، فما طبيعة القصاص المقصود، خاصة وأنه تم إلقاء القبض على القاتل، ثم إن الحادث نفسه ارتكب خلال جلسة لمحاكمة المتهم بسبب موقفه العنصرى من الضحية، وهى القضية التى رفعتها الشرطة الألمانية أصلاً وليس مروة الشربينى أو زوجها. أما مطالبات البعض بمحاكمة دولية للقاتل بحجة عدم ثقتهم فى القضاء الألمانى، فلا يمكن التعليق عليها سوى "بلا تعليق".يصح أن نقول أن البعض يستهدف المسلمين فى الغرب، لكن أن نقول أن الغرب يستهدف المسلمين يعنى أننا لا نرى سوى ما نريد. يصح أن نقول أن هناك عنصريين فى الغرب لكن أن نتغاضى عن الكثير من العنصرية والتمييز فى مجتمعنا، يعنى أننا منافقون ونرمى بيوت الآخرين بالحصى إلى آخر المثل. يصح أن نقول أن البعض يتطرف فى مواقفه من حرية النساء فى ارتداء الحجاب، بينما ينادى بحرية الرأى والتعبير، لكن أن نتجاهل ما يمارس فى مجتمعاتنا من قمع فكرى وحصار على حرية الاعتقاد وحرية الاختيار يعنى أننا مصابون بالعمى ومرضى بالادعاء. ما الذى كان يضيرنا لو نحن استبدلنا العويل بمسيرات صامتة بالزهور والشموع على روح ضحايا العنصرية هنا وهناك، ولو استبدلنا الطنطنة والكذب على الذات بمد الأيادى البيضاء إلى الآخر فى الغرب الذى يعانى أيضاً من مساوئ العنصرية الكريهة لإثبات أننا جميعاً فى ذات الخندق المرعب الذى من شأنه أن يبتلع كل ما عاداه فى دوامة الكراهية والخراب الروحى. ما الذى يضير لو حولنا مقتل مروة إلى فرصة إيجابية لمراجعة الذات بدلاً من مواصلة الصراخ فى وجه الآخر وإدانته لتبرئة أنفسنا.لقد فشلنا بامتياز فى إجابة سؤال "بأى ذنب قتلت مروة الشربينى"، وعزاؤنا الوحيد أننا قد نتعلم فى فرصة أخرى قادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق