الجمعة، 24 يوليو 2009

أولاد الذوات غارقون فى الـ"صلصا".. والشعبيون يمتنعون

كتبت: ناهد نصر

الرقصة اللاتينية الشهيرة التى اكتسبت مذاقها الحار فى كوبا وجاذبيتها وسحرها فى شوارع نيويورك فى الستينيات، تتحول فى مصر الآن إلى "موضة" جمهورها يبدأ من الخامسة عشرة حتى الخمسين. فمن فرع وحيد لمدرسة رقص دولية فى المعادى تنتشر "الصلصا" بسرعة، لتتحول إلى برنامج دائم فى صالات الجيم والفنادق الكبرى، وفقرة فى حفلات الزواج ومراكز تدريب وليالى أسبوعية يرتادها عشاق الرقصة من الجنسين.
مايا سعيد، واحدة من المدربين المعروفين فى مجتمع الرقص اللاتينى فى مصر، بدأت حياتها مدرسة باليه، ثم لم تستطع مقاومة سحر الصلصا، تقول: "تعلمت الصلصا على يد واحد من طلابى، فى البداية بدأ الأمر كفضول نحو تعلم رقصات جديدة، لكننى بعد فترة قصيرة وجدت نفسى منجذبة تماماً نحوها لدرجة أننى سافرت للخارج خصيصاً من أجل تعلم فن الصلصا على أصوله". وتعمل مايا مدربة صلصا منذ ثمانى سنوات فى اثنين من أشهر مراكز التدريب على الرقصة، وهى لا تخفى سعادتها بالانتشار المتنامى للصلصا "الأفلام والكليبات والإنترنت ساعدت على انتشار الرقص اللاتينى عموماً، لكن الصلصا أسهلهم".
وتتركز أماكن التدريب على الصلصا فى الأحياء الراقية كالمعادى ومصر الجديدة، والمهندسين، بالإضافة إلى الفنادق الكبرى، ويتجاوز الأمر مراكز التدريب إلى صالات الجيم، حيث صارت الصلصا أحد برامج اللياقة البدنية وإنقاص الوزن فى العديد منها، وهى بالنسبة للبعض الآخر علاج للاكتئاب.
شيرين قطرى صاحبة صالة جيم تحول مؤخراً إلى أحد مراكز التدريب، تقول إنها ثبتت برنامجا خاصا للتدريب على الصلصا بناء على طلب الزبائن، "بعد أن تعلمتها عرفت سبب إقبال الناس عليها، فهى أفضل وسيلة للقضاء على الاكتئاب، أنا عن نفسى كلما شعرت بالضيق أتوجه فوراً إلى صالة الرقص.. وأديها صلصا".
لكن هذا الانتشار يزعج البعض من عشاق الرقصة. واحد من أشهر مدربين الصلصا وصاحب مركز تدريب، رفض نشر اسمه، يرى أن انتشار أماكن التدريب لا يعنى أن الجميع يرقصون الصلصا فعلاً، لأن الرقصة تحولت إلى موضة تغرى الكثيرين لدخول المجال كمدربين بصرف النظر عن خبرتهم الحقيقية، "لا يوجد فى مصر سوى أربعة مدربين محترفين فقط، والباقون يتراوح مستواهم بين الجيد والمعقول ومن لا يصلح .. ولا يوجد فى مصر مدرب واحد حاصل على شهادة فى الرقص اللاتينى فالكل هواة بما فى ذلك العروض المضحكة التى تقدم فى الأفلام والكليبات على أنها صلصا".
وبرامج التدريب التى تقدمها هذه المراكز تنقسم إلى مستويات تدريجية من المبتدئين وحتى المتخصصين. وهذه البرامج على حد قول هشام نجيب، وهو متدرب سابق يبدأ طريقه نحو عالم التدريب، تناسب الجميع، "للوهلة الأولى تبدو الرقصة صعبة، لكن الحقيقة هو أنه يمكن لأى شخص ليست لديه خلفية عن الرقص أن يتحول إلى محترف صلصا من خلال التدريب، وبمجرد اجتياز المستوى الأول تشعر أنك ترغب فى المواصلة لإتقان الرقصة حتى تتمكن من الأداء بشكل جيد فى النايتس".
والصلصا نايتس هى ليالى مخصصة لراقصى الصلصا، حيث يمكن للجميع بصرف النظر عن مدى احترافهم المشاركة فيها، والشرط الوحيد ألا تكون وحيداً حيث لا يمكنك أداء الصلصا من دون وجود شريك من الجنس الآخر. محمد سعيد مدير ليالى الصلصا فى واحد من أماكن الرقص اللاتينى الشهيرة فى المهندسين، يقول "ليالى الصلصا تكون المحك الذى يلتقى فيه محبو الرقصة ويقضون أوقات ممتعة على أنغام الموسيقى اللاتينية، وهى أيضاً فرصة عظيمة لمقارنة أدائك بأداء الآخرين ما يدفعك لمواصلة التدريب للوصول إلى الاحتراف"، وإذا كنت من محبى الصلصا فيمكنك قضاء الأسبوع متنقلاً بين ليالى الصلصا التى تقام على مدار الأسبوع فى أماكن مختلفة أغلبها تابع لمراكز التدريب.
وبعيداً عن مراكز التدريب وليالى الصلصا، تتحول الرقصة أيضاً إلى واحدة من الفقرات المحببة فى حفلات الزواج يؤديها العريس بصحبة عروسه فى ليلة الفرح، وتقول ميادة محمود، مدربة صلصا أن العرسان أصبحوا يتجهون للصلصا بديلاً عن الرقصة السلو التى كان يؤديها أغلب العرسان وذلك كنوع من التجديد، لكن رقصة العرسان التى لا تستغرق أكثر من 15 دقيقة تتطلب منهم جهداً قد يصل إلى الثلاثة أشهر "العرسان يأتون إلينا قبل الفرح بثلاثة أشهر للتدريب على الرقصة ليظهروا بشكل جميل أمام الجمهور"، وتضيف ميادة أنه بالإضافة للصلصا بعض العرسان يختارون رقصات لاتينية أخرى كالمارينجى أوالتشاتشا.
وعلى الرغم من انتشار الصلصا إلا أن جمهورها لا يزال مقصوراً على سكان الأحياء الراقية، ويقلل عشاق الصلصا من العامل الاقتصادى كسبب فى عزوف أبناء المناطق الشعبية عنها، فى رأى مايا سعيد دروس الصلصا ليست مرتفعة الثمن فهى تتراوح بين 30 إلى 50 جنيها فى الساعة وسعر المستوى الواحد يتراوح بين 280 إلى 300 جنيه، وهى لا تزيد عن ذلك إلا فى مدرسة واحدة أغلب روادها من الأجانب، وهى ترى أن عدم انتشارها فى المناطق الشعبية يرجع إلى أسباب ثقافية "الرقص اللاتينى عموماً هو رقص صالونات وهو يرتبط بثقافة مختلفة عن الثقافة الشعبية السائدة، حيث يعتمد على وجود رجل وامرأة فى حلبة الرقص معاً"، وتعترض مايا على المفاهيم الخاطئة التى قد تكون السبب فى اقتصار الرقص اللاتينى على فئات معينة "الرقص هو وسيلة للتعبير عن الذات ومن الغريب تصور أن هناك أى دوافع أخرى من وراء ذلك. مجتمعنا عدو ما يجهل، والأمر نفسه يحدث مع الباليه وفن الأوبرا".
وتتصور مايا أن الإنترنت سيكون وسيلة فعالة فى انتشار الرقص اللاتينى على نطاق أوسع فى مصر، ويتفق معها أحمد صبرى طالب الهندسة الذى وقع فى غرام الصلصا من أول حصة، فقام بإنشاء أول جروب الكترونى على الفيس بوك لراقصى الصلصا المصريين، فى محاولة على حد قوله للتواصل بين أعضاء مجتمع الصلصا "بالإضافة إلى تجميع عشاق وراقصى الصلصا فى مكان واحد، وهناك العديد من الناس الذين يعرفون الرقصة ولكنهم لا يعرفون السبيل إلى مراكز التدريب والليالى والحفلات وسوف يجدون كل هذه المعلومات على الجروب بالاضافة الى معلومات عن الرقصة نفسها"، فهل ستنقل تكنولوجيا المعلومات الصلصا إلى رقصة شعبية فى مصر بعد أن صارت موضة أولاد الذوات.

منشور فى موقع اليوم السابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق