السبت، 28 يونيو 2008

"اللاجئون" بين "نا" و"هم"

كتبت: ناهد نصر
عبر مؤخراً "مصدر مسئول" فى إحدى الصحف القومية عن رفضه انتقادات منظمة العفو الدولية لترحيل مصر لطالبى لجوء أرتيريين إلى بلادهم، بعد أن قضوا فترات متفاوتة رهن الاحتجاز بسبب ما وصفه بدخول البلاد بشكل غير قانونى. وعلق على انتقادات المنظمة بأنها تتجاهل الممارسات غير الإنسانية التى تقوم بها الدول الغربية تجاه اللاجئين، بداية من رفضها استقبالهم مروراً بانتهاك حقوقهم الإنسانية بما يخالف اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، مؤكداً على أن مصر "دولة عبور تبذل ما تستطيع من أجل الحفاظ على التوازن الدقيق بين أمنها من جهة واحترام التزاماتها الدولية من جهة أخرى". وتمثل تصريحات المسئول وجهة النظر الرسمية التى تتكرر فى كل مناسبة من قضية اللاجئين، غير أنها للأسف رؤية أحادية، تأخذ أكثر مما تضيف لصورة مصر كدولة لها مكانتها فى المنطقة، كما تتناقض مع مسئولياتها والتزامتها الإنسانية والدولية. ولتقريب الصورة، فهؤلاء المرحلون الذين تركوا بلدهم بسبب الحروب وعدم الاستقرار والفقر لهم صفة فى اتفاقية 1951 التى وقعتها مصر وهى "طالبى اللجوء".وأول الحقوق التى تمنحها لهم هذه الاتفاقية هو "عدم الترحيل" للدول التى أتوا منها إلا لأسباب مذكورة بدقة وتفصيل فى الاتفاقية وليس من بينها "دخول البلاد بشكل غير قانونى" لأنه لا شكل قانونى لدخول البلاد لأشخاص فارين من أوطانهم، وهو أمر مفروغ منه بحكم الاتفاقية الدولية نفسها التى وقعتها مصر ويعلم هذا جيداً "المصدر المسئول". الأمر الثانى هو أنه ليس من حق "المصدر المسئول" أن يصف طالبى اللجوء بعبارة "مجموعات الساعين إلى الهجرة" أولاً لأن هذا المصطلح الغريب لا معنى له، وثانياً لأن استخدام مثل تلك المصطلحات ما هو إلا التفاف وتحايل على القانون الدولى نفسه ومحاولة للتخلص من المسئولية الإنسانية والقانونية عن ترحيل طالبى لجوء. الأمر الثالث هو أن الاحتجاز القسرى لهؤلاء، جريمة ليس فقط لكونهم طالبى لجوء، ولكن لكونهم أيضاً وفى المقام الأول بشر، ولم يرتكبوا ما يستلزم احتجازهم، وهو أمر مخالف للقوانين المحلية والاتفاقات الدولية التى وقعتها مصر فى هذا الشأن. لكن المصدر لم يخطئ حين أشار إلى حساسية الموقف المصرى وصعوبته فى الحفاظ على التوازن الدقيق بين الأمن واحترام الالتزامات الدولية. فمصر تعانى وضعاً اقتصادياً متدهوراً يدفع بأبنائها أنفسهم للغرق فى المتوسط من أجل فرصة عمل، وتعانى وضعاً أمنياً حساساً لأسباب كثيره من بينها موقعها الجغرافى. كما لم يخطئ حين أشار إلى موقف الدول الغربية، التى صارت تتبع سياسة الباب المغلق أمام اللاجئين، وتصدرها كاملة لدول العبور. ولم يخطئ أيضاً فى الإشارة إلى الانتهاكات القانونية والانسانية التى ترتكبها تلك الدول فى حق اللاجئين وطالبى اللجوء والمهاجرين أيضاً. لكن هذه المبررات لا تعفى مصر من مسئولياتها الإنسانية والقانونية تجاه اللاجئين وطالبى اللجوء، كما لا تعفى المجتمع الدولى. وهو الأمر الذى يجعل ملف اللاجئين، ضمن أصعب الملفات الدولية على الإطلاق. فالدافع الرئيس وراء التعديلات على طرأت على تعامل المجتمع الدولى مع ملف اللاجئين منذ عام 1921، وهو تاريخ تأسيس مكتب المفوض السامى لشئون اللاجئين الروس وحتى عام 1967، حين تم إقرار البروتوكول المكمل لاتفاقية 1951 الخاصة بأوضاع اللاجئين كان القناعة الراسخة بضرورة إعادة النظر وإعادة التقييم. وقد باتت الحاجة لهذه الخطوة ملحة فى الوقت الحاضر خصوصاً مع تفاقم أزمة اللاجئين حول العالم بسبب الحروب والنزاعات وقصور التنمية التى يتحمل مسئوليتها الجميع. وينبغى على مصر أن تضع هذا المطلب ضمن أولوياتها وأن تعمل على اتخاذ خطوات عملية على المستوى الرسمى، لدعوة أعضاء المجتمع الدولى إلى وقفه جادة لإعادة النظر فى هذا الملف، حتى نخرج من دائرة تبادل الاتهامات والتنصل من الالتزامات.

الخميس، 26 يونيو 2008

سمير رضوان: التعليم الردىء سبب كل مشاكلنا

الدكتور سمير رضوان مفكر اقتصادى، يشغل مناصب متعددة منها: المدير التنفيذى بمنتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا، وعضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ومستشار رئيسها، عمل مستشاراً فى العديد من المؤسسات المصرية والمنظمات الدولية، منها المركز القومى للتخطيط وبرنامج التشغيل العالمى بلندن ومنظمة العمل الدولية، كما قام بالتدريس فى مؤسسة الإحصائيات الاقتصادية بجامعة أكسفورد بانجلترا، كما أنه عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى، ويشرف على تقرير التنافسية المصرى السنوى، ويرى أن تولى الدكتور أحمد نظيف رئاسة الوزراء هو بداية الإصلاح الاقتصادى المصرى.
حوار: ناهد نصر
لماذا تدافع دائماً عن الأداء الاقتصادى للدولة، على الرغم مما يعانيه المواطنون من فقر وغلاء؟
لأن مصر شهدت فعلاً فى السنوات الأربع الأخيرة، طفرة كبيرة فى السياسات المتعلقة بالاقتصاد الكلى، وفى المالية وصياغة واستخدام الموازنة وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وفى الصناعة والتجارة.
هل أرقام تقرير التنافسية الذى تشرف عليه تكذب أم أنك تجمل وجه الحكومة؟
الأرقام لا تكذب، ومشكلتنا أننا ممتازون فى صياغة السياسات، ولكننا أقل كفاءة فى التنفيذ، وهذا مرتبط بطريقتنا كمصريين فى إدارة أنفسنا"there is an Egyptian way to do things."طبقاً لتقرير التنافسية، التراجع فى جودة التعليم، هو السبب فى تدهور كفاءة العامل وسوق العمل،
هل الموازنة وراء ذلك؟
الميزانيات جزء مهم جداً ولكنها ليست كل شىء. فالطالب المصرى يتكلف 32 جنيهاً فى اليوم الواحد من التعليم الحكومى، بالمقارنة بالطالب فى دولة مجاورة تنفق عليه 500 دولار فى اليوم. لكن هناك أيضاً نوعية التعليم، وللأسف نحن نحافظ على نظام تعليمى نعلم أنه "مش مفيد ومابيعلمش" من أول أولياء الأمور وحتى صناع القرار.
ولكن الخلل لا يقتصر على التعليم فقط، فأغلب القطاعات الخدمية تعانى من مشكلة الميزانيات المحدودة؟
جزء كبير من أموال الدولة يهدر على البيروقراطية، والغريب أن الخدمات التى تدر أموالاً للدولة مثل المطار تعانى نقصاً فى الموظفين، فهناك إهدار وسوء توزيع للموظفين.
وماذا عن إهدار وسوء توزيع الموازنة؟
هناك ميزانيات لا نراها أصلاً مثل ميزانيات الداخلية وبعض الجهات السيادية الأخرى، فهى تظل مجرد أرقام، والضمان الوحيد لعدم الإهدار والعدالة فى التوزيع هو الشفافية والإفصاح، فواحد من إنجازات الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية هو تبويب الميزانية وتحويلها إلى وثيقة مقروءة، وهناك قدر من السرية لابد أن يكون موجوداً لدواع أمنية، وهذا مطبق فى كل دول العالم، لكن هناك حد أدنى من الإفصاح "بيريح الناس" وهو مطلوب.
لماذا يقتصر دور القطاع الخاص فى مصر على جنى الأرباح؟
القطاع الخاص فى السنوات الأخيرة، خطا خطوات مهمة جداً بدون شك، فمساهمته فى الناتج القومى وصلت إلى 70% بما فيها الزراعة، ومساهمته فى الاستثمارات السنوية تزيد بنسبة 40% فى السنة. أين يكمن الخلل إذاً؟ الخلل أن انطلاقة القطاع الخاص فى مصر، كانت موجهة نحو قطاعات سريعة الربحية، ولم تتجه نحو تعميق قوى الاقتصاد فى إطار خطة قومية، تحكم العلاقة بينه وبين الدولة.
علاقة لا تحكمها خطة قومية هل يمكنها تحقيق تنمية؟
الدولة ظنت أنها طالما ستتجه إلى القطاع الخاص "يبقى خلاص تريح" وهذا أدى إلى نتائج عكسية، فدور الدولة فى فترة النمو الرأسمالى مهم جداً، ويتمثل فى وضع الضوابط وتوفير البيئة الملائمة وتوفير الأمان وإنفاذ القوانين. ونحن متأخرون جداً فى هذا، نتيجة البطء فى إنفاذ القوانين.
هل مواجهة الاحتكار فى مصر يندرج تحت البطء فى إنفاذ القوانين؟
الاحتكار موجود فى كل دول العالم، وكل دولة تقريباً فيها مجالس مشابهة للمجلس الذى أنشأناه لحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ولكن لابد من تفعيل هذا المجلس، والمشكلة أن كل القوانين لدينا بها عبارة "وذلك مع عدم الإضرار بكذا" ودائماً ما تستخدم هذه "الكذا" كثغرات للتعطيل، فنحن محترفون فى التحايل على القوانين.
حضرت منتدى دافوس الأخير، كيف يتم تقيم الأداء الاقتصادى المصرى فى المنتديات الدولية؟
"موقف مصر مش بطال أبدا"ً وفى تقرير القيام بالأعمال العام الماضى حصلت مصر على المرتبة الأولى فى الدول القائمة على الاستثمار. ولماذا لا ينعكس هذا التقدم فى الاستثمار على مستوى المعيشة؟ لأن المواطنين يعتمدون على دعم الدولة الذى زاد من 15 مليار جنيه إلى 128 مليار جنيه هذا العام، وأنا أرفض سياسة الدعم وأفضل اعتماد نظام لإصلاح الأجور والرواتب من ناحية، ورفع الكفاءة الإنتاجية من ناحية أخرى، لأن إصلاح نظام الأجور وحده دون إصلاح الإنتاجية سيأكل الأجور والرواتب ويؤدى إلى التضخم.
وكيف يمكن تحقيق هذا التوازن؟
تحقيق التوازن بألا نعتمد على نوع واحد من الإنتاج، فهناك منتجات يجب أن تلتزم بالتكنولوجيا الحديثة قليلة العمالة للمنافسة فى السوق العالمية، وهناك منتجات أخرى جميلة ويمكن تصديرها تستخدم تكنولوجيا أقل وعمالة أكثر. وخلطة الأنشطة الاقتصادية هذه يمكنها استيعاب قوة العمل، وهذه هى المعجزة الاقتصادية.
إلى أى مدى نحن قريبون من تنفيذ هذه الرؤية؟
نحن نقترب منها، فمنذ عشر سنوات أو عشرين سنة، كان الاقتصاد المصرى يولد 383 ألف فرصة عمل، أما الآن فيولد 575 ألف فرصة عمل، لكن المشكلة أن معظم فرص العمل المتاحة لازالت "bad jobs" أى أعمال منخفضة الإنتاجية والأجر والكفاءة و"محدش بيحس بيها".
وما هو موقف مصر التصديرى؟
وفق أحدث الأرقام فإن صادرات الغزل والنسيج المصرية "مش بطالة أبداً" بالنسبة للصين خصوصاً بعد التضخم هناك. لكن مصر كانت فى الماضى دولة رائدة فى صناعة الغزل والنسيج؟ يضحك قائلاً: (أيوه وإحنا اللى بنينا الهرم) أحد سمات التاريخ الاقتصادى المصرى أنه لا تكتمل به تجربة أبداً، بداية من محمد على بانى الدولة الحديثة وحتى تجربة الانفتاح، فتاريخ الاقتصاد المصرى غريب جداً.
وقعنا اتفاقية الجات بدعوى أنها ستفتح الأبواب أمام الصادرات المصرية، فلماذا لم يتحول الغزل المصرى إلى سلعة تنافسية فى السوق العالمية، كما كان متوقعاً؟
مشكلتنا مع هذه الاتفاقية أننا وقعنا عليها سنة95 ، وكنا نعلم أنه يجب علينا أن نقوم بإجراءات معينة حتى لا يصبح موقفنا سيئاً بعد انتهاء السنوات العشر، التى تم الاتفاق عليها كفترة سماح، لكننا لم نفعل شيئاً، وصناعة الغزل والنسيج التى كانت أكبر صناعة فى مصر انهارت، وعندما انتهت فترة السماح فى 2005 قالوا الله؟ نعمل إيه؟ "نجرى على بابا"، وذهبوا إلى الرئيس وقالوا له: "يا ريس الصناعة انهارت، وبيوتنا هتتخرب" فقال: "خلاص، هاقبل الكويز"، ووقع على اتفاقية الكويز لانتشال صناعة النسيج من أزمتها. إ
ذن كان توقيع الكويز للخروج من أزمة الفشل فى تدارك آثار الجات؟
مؤكداً "مافيش كلام".
هل معنى هذا أن الأمر لو كان اختيارياً كنا سنرفضها؟
كنا سنقبلها، ولكن بشروط معينة وبعوائد معينة وموضوع أن 11.7% مكون إسرائيلى لا يمثل مشكلة اقتصادية، فالأردن مثلاً لم تعد تلتزم بهذه النسبة. واكتشفنا فى العام الماضى، أن إسرائيل تستورد سلعاً من الخارج وتبيعها لنا على أنها مصنوعة فى إسرائيل، لهذا أصبحنا نصر على وجود شهادة المنشأ. والمسألة تحتاج منا إلى "صحصحة" لأن العولمة لعبة كبيرة جداً.
ذكرت أن التجارب المصرية الاقتصادية لا تكتمل، فهل اكتملت تجربة الخصخصة؟
لا، لم تكتمل وهذا من الأخطاء لأن برنامج الخصخصة يجب أن ينفذ بين يوم وليلة، مع وجود مشروع يستوعب النتائج السلبية للخصخصة "لكن هاتسيبها تمط دا أكبر خطأ"، وهذا للأسف ما حدث عندنا.
وهل كان هناك مشروع مصرى لاستيعاب سلبيات الخصخصة؟
فى رأيى، كان من المفروض أن يعرض البرنامج على الشعب، لأخذ رأيه فيه، فالقطاع العام "دخل حارة سد" والمحلة أكبر دليل، وكان ينبغى بيعه كأسهم وسندات للشعب، ليكون "كل واحد مشاركاً فيه"، لا أن يتوقف المشروع تماماً. "فالاقتصاد المصرى دايماً بيرقص على السلم" ولم يكن هناك برنامج واقعى لحل آثار الخصخصة السلبية سوى الصندوق الاجتماعى.
وما تقييمك للطريقة التى بيع بها عمر أفندى مثلاً؟
بزيارة واحدة لعمر أفندى قبل البيع وبعده، يمكن بسهولة إدراك الفارق ولا سبيل للمقارنة، هناك أخطاء فى تطبيق برنامج الخصخصة، نعم، لكن هل التحول إلى القطاع الخاص كان ضرورة؟ الإجابة: نعم قطعاً، لكن ما هى الشروط وبأى حسابات؟ هذا هو السؤال.
نوعياً ما أهم الاستثمارات التى تنجذب إلى مصر؟
هذه واحدة من قصص النجاح. ففى البداية كانت أغلب الاستثمارات استحواذية، أما العام الماضى فنصف الـ11.1 مليار جنيه كانت استثمارات خضراء أى مشروعات جديدة، بينما كان نصيب الاستثمارات الاستحواذية 15% والبترول والغاز 25% فقط.
ولماذا لا يظهر تأثير الاستثمارات على التنمية؟
يجب ألا ننسى أن قصة النجاح هذه عمرها أربع سنوات فقط وهى كل عمر مشروع الإصلاح المصرى. فقد مررنا بفترة كساد عالمى ثم كساد فى مصر بسبب حكومة عاطف عبيد، لدرجة أن مدحت حسن وهو واحد من أفضل الخبراء فشل فى إدارة المالية. لكننا خرجنا من هذا بإنجازات ممتازة بكل المقاييس.
لماذا أظهرت صفقة الغاز مع إسرائيل أن الحكومة غير قادرة على عقد اتفاق سليم وفق قانون العرض والطلب؟
أولاً صفقة الغاز هى جزء من بنود اتفاقية السلام مع إسرائيل "واللى مش عاجبه يروح يحارب عشان ما نمضيش". وعندما تمت الصفقة كان السعر المطروح مناسباً جداً، لكن المشكلة ظهرت بسبب أن العقد طويل الأجل. وهو ما التفتنا له حالياً فلن تكون هناك أى عقود بأكثر من عام واحد أو عامين.
ما سبب ارتفاع أسعار الغذاء فى مصر من رأيك؟
أسعار الغذاء فى العالم كله ارتفعت بنسبة 40% فى المتوسط، بسبب دخول المواد الغذائية حلبة المضاربة فى البورصات العالمية، وهناك ست شركات فى العالم تسيطر على سوق الغذاء، وأتوقع زيادات أكثر فى الأسعار فى الفترة المقبلة.
هل نحن مستعدون لهذه الارتفاعات المقبلة؟
بدأنا بالفعل عقد اتفاقات مستقبلية ونتعاقد على أسعار لسنوات مقبلة حتى لا يكون ارتفاع الأسعار صادماً، كما أننا بصدد إعداد استراتيجية بمساعدة بيت خبرة عالمى على أعلى مستوى، جزء منها يتعلق بالتركيب المحصولى وكذلك المياه والرى، والقطاع الخاص شريك أساسى فيها.
ما تقديرك لاندماج مصر فى الاقتصاد العالمى؟
اندماج كبير جداً، فالتجارة الدولية المصرية تزيد كل سنة بمعدل نمو أكثر من 8%، وتدفقات رأس المال الأجنبى وصلت إلى 9% من الدخل القومى المصرى، ولدينا استقبال سريع جداً للتكنولوجيا، ونحترم كل الاتفاقات الدولية. فنحن "مندمجون على قدم وساق".

الأربعاء، 11 يونيو 2008

رفقاً بالحكومة

كتبت: ناهد نصر
ما قاله وزير السياحة زهير جرانة فى برنامج 90 دقيقة فى الثالث من يونيه يدعونا لوقفة مع النفس، فعندما سأله معتز الدمرداش لماذا تحاسب فنادق شرم الشيخ المصريين بأسعار أعلى من الأجانب؟ قال ما معناه أن إقامة المصريين مكلفة لأنهم أمام البوفيه المفتوح يتصرفون وكأنهم "بياكلو فى آخر زادهم"، وأضاف "يعنى انت تقدر تفطر 12 بيضة يا معتز؟" بينما لا يفعل الأجانب ذلك. وعندما سأله عن تشجيع السياحة الداخلية وكيف أن ارتفاع الأسعار سيجعل تلك المناطق السياحية أقل جاذبية للمصريين، فى حين أنه يمكنهم أن "ينفعوا" أصحاب الفنادق لأنهم موجودين طوال السنة، قال الوزير إن السواح يقضون 365 يوماً فى فنادقنا مقارنة بالمصريين الذين يتواجدون فى الأعياد والعطلات فقط، "ومقدرش أظلم أصحاب الفنادق".وفى سؤال آخر حول ظهور رجال الأمن بالسلاح فى شوارع شرم الشيخ قال الوزير "فى ناس بتحب الحكاية دى"، وعندما سأله معتز "وحضرتك بتحبها برضو؟" أجابه بلا "طيب ليه سيادتك مابتعملش حاجة؟" فقال ما معناه إن ده شغل الداخلية مش شغلى. وهذا جزء صغير من إجابات وزير السياحة المقنعة والتى لا تصدر إلا عن شخص له منصبه ومركزه، وقبله كان للسيد زاهى حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار تصريح "مسئول" آخر، فقال إن الآثار فى مصر تعانى الإهانة و"البهدلة" لأن الناس تحفر عليها أسماء وقلوب وألفاظ بذيئة والبعض "يتبول" عليها، لذلك قام سيادته مشكوراً بغلق الأهرامات أمام المواطنين فى الأعياد والمناسبات لحماية هذا الصرح العظيم من "غشم" المصريين. وهكذا يرانا آباؤنا الذين فى الحكومة، شعب مفجوع ومراهق لا يعرف قيمة آثاره ولا أماكنه السياحية ومن الآخر "مش وش نعمة". والتصريحات فى حد ذاتها ليست بالأمر المستغرب، بالعكس فلو كان المسئولون عن هذا البلد يروننا بطريقة مختلفة، أى أفضل قليلاً، لما وصلنا إلى ما نحن فيه. ما يثير الدهشة فقط هو أن بعض المسئولين لا يستطيعون التفريق بين ما هم مقتنعون به فعلاً ويقولونه فى اجتماعاتهم المغلقة وبين ما ينبغى عليهم قوله على الملأ أمام الناس فى وسائل الإعلام. وهذا وإن دل على شئ فيدل على أنهم مسئولون "اللى فى قلبهم على لسانهم ومابيعرفوش يخبوا".وهى واحدة من الصفات الإيجابية الكثيرة التى تتميز بها حكومة السيد نظيف الإلكترونية، ومن ضمن صفاتها أيضاً أن أغلب أعضائها من الشباب المتنور المتعلم فى بلاد بره الذين يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة والمطلعين على أحدث تطورات التكنولوجيا الحديثة، وهى صفات تخجلنا كمواطنين عاديين من أنفسنا، إذ كيف يتحمل هؤلاء ممارسة مهامهم الوظيفية فى رعاية مصالحنا بينما نحن شعب يفتقر إلى أبسط أصول الذوق والحساسية ولا يخجل من تشويه سمعة مصر أمام القاصى والدانى "وكمان مش عاجبه". فلك الله أيتها الحكومة، ويا شعب مصر رفقاً.