الأربعاء، 11 يونيو 2008

رفقاً بالحكومة

كتبت: ناهد نصر
ما قاله وزير السياحة زهير جرانة فى برنامج 90 دقيقة فى الثالث من يونيه يدعونا لوقفة مع النفس، فعندما سأله معتز الدمرداش لماذا تحاسب فنادق شرم الشيخ المصريين بأسعار أعلى من الأجانب؟ قال ما معناه أن إقامة المصريين مكلفة لأنهم أمام البوفيه المفتوح يتصرفون وكأنهم "بياكلو فى آخر زادهم"، وأضاف "يعنى انت تقدر تفطر 12 بيضة يا معتز؟" بينما لا يفعل الأجانب ذلك. وعندما سأله عن تشجيع السياحة الداخلية وكيف أن ارتفاع الأسعار سيجعل تلك المناطق السياحية أقل جاذبية للمصريين، فى حين أنه يمكنهم أن "ينفعوا" أصحاب الفنادق لأنهم موجودين طوال السنة، قال الوزير إن السواح يقضون 365 يوماً فى فنادقنا مقارنة بالمصريين الذين يتواجدون فى الأعياد والعطلات فقط، "ومقدرش أظلم أصحاب الفنادق".وفى سؤال آخر حول ظهور رجال الأمن بالسلاح فى شوارع شرم الشيخ قال الوزير "فى ناس بتحب الحكاية دى"، وعندما سأله معتز "وحضرتك بتحبها برضو؟" أجابه بلا "طيب ليه سيادتك مابتعملش حاجة؟" فقال ما معناه إن ده شغل الداخلية مش شغلى. وهذا جزء صغير من إجابات وزير السياحة المقنعة والتى لا تصدر إلا عن شخص له منصبه ومركزه، وقبله كان للسيد زاهى حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار تصريح "مسئول" آخر، فقال إن الآثار فى مصر تعانى الإهانة و"البهدلة" لأن الناس تحفر عليها أسماء وقلوب وألفاظ بذيئة والبعض "يتبول" عليها، لذلك قام سيادته مشكوراً بغلق الأهرامات أمام المواطنين فى الأعياد والمناسبات لحماية هذا الصرح العظيم من "غشم" المصريين. وهكذا يرانا آباؤنا الذين فى الحكومة، شعب مفجوع ومراهق لا يعرف قيمة آثاره ولا أماكنه السياحية ومن الآخر "مش وش نعمة". والتصريحات فى حد ذاتها ليست بالأمر المستغرب، بالعكس فلو كان المسئولون عن هذا البلد يروننا بطريقة مختلفة، أى أفضل قليلاً، لما وصلنا إلى ما نحن فيه. ما يثير الدهشة فقط هو أن بعض المسئولين لا يستطيعون التفريق بين ما هم مقتنعون به فعلاً ويقولونه فى اجتماعاتهم المغلقة وبين ما ينبغى عليهم قوله على الملأ أمام الناس فى وسائل الإعلام. وهذا وإن دل على شئ فيدل على أنهم مسئولون "اللى فى قلبهم على لسانهم ومابيعرفوش يخبوا".وهى واحدة من الصفات الإيجابية الكثيرة التى تتميز بها حكومة السيد نظيف الإلكترونية، ومن ضمن صفاتها أيضاً أن أغلب أعضائها من الشباب المتنور المتعلم فى بلاد بره الذين يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة والمطلعين على أحدث تطورات التكنولوجيا الحديثة، وهى صفات تخجلنا كمواطنين عاديين من أنفسنا، إذ كيف يتحمل هؤلاء ممارسة مهامهم الوظيفية فى رعاية مصالحنا بينما نحن شعب يفتقر إلى أبسط أصول الذوق والحساسية ولا يخجل من تشويه سمعة مصر أمام القاصى والدانى "وكمان مش عاجبه". فلك الله أيتها الحكومة، ويا شعب مصر رفقاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق