«كارت أحمر للرئيس» كتابه الأخير ضمن سلسلة من الكتب التى تغازل اسم الرئيس بشكل مباشر أو غير مباشر، فى إطار ما يراه عبدالحليم قنديل ثأرًا عائليًا فرضه عليه النظام، هو يفضل أن يصف نفسه بالكاتب الصحفى، وداعية التغيير، وهو يقارع النظام والمعارضة والقاصى والدانى بما يحب أن يصفه بالمعارضة الجديدة، ويتحدى الجميع بمحاولة وضع «برنامج للقلق المصرى» هو بيان تأسيس الائتلاف المصرى من أجل التغيير... الذى يرى قنديل أنه «الكارت الأحمر» أمام النظام بأدوات حكمه وانتخاباته، وأمام كل سيناريوهات الإصلاح، أو العسكرة، أو التوريث السلمى.
حوار: ناهد نصر
«الأيام الأخيرة» ثم «كارت أحمر للرئيس» لماذا يستهدف عبدالحليم قنديل الرئيس فى أغلب مقالاته، وكتبه؟
الكتاب يضم 51 مقالاً أغلبها ممنوع من النشر فى مصر، وهى نوع من وصف مصر فى لحظة حرجة من تاريخها، والخيط الرابط بينها هو ائتلاف المصريين من أجل التغيير، وهى الفكرة التى تمت بلورتها فى أبريل 2009، ويعتبر الكتاب هو الجزء الثانى من «الأيام الأخيرة»
والنقطة الجوهرية بالكتاب هى أنه لم تعد هناك إمكانية للإصلاح، وأن التغيير هو السبيل الوحيد.
ماذا تعنى بـ «ممنوعة من النشر» فى مصر؟
وقت أن خرجت من جريدة الكرامة كان أمامى فسحة من ورق، لكتابة منتظمة فى الدستور ثم ترأست تحرير صوت الأمة، وبعد صوت الأمة أظن أن التالتة تابتة، والأمر أظلم تماما ولا يوجد أى إمكانية لأن أنشر حرفا فى مصر، يكفى أن مدير التحرير فى جريدة ما تبنى نشر خبر عن الكتاب بعنوان «كارت أحمر» فقط من دون الرئيس، وعلى عمود 5 سنتيمترات، وفى النهاية منع من النشر، فهناك رعب حقيقى من عنوان الكتاب.
لكن الكتاب نفسه لم يتعرض للمصادرة؟
هذا يرجع إلى أن هناك ظنا بأن الكتب مهما بلغت كثافة توزيعها فهى أقل توزيعا من الصحف، وبالتالى أضرارها أقل، لكن العام الماضى شهد حفل توقيع كتاب الأيام الأخيرة هنا فى النقابة استفزازا كبيرا جدا من مكرم محمد أحمد وغيره، لدرجة أنهم عطلوا التكييف والأسانسير، ومنعوا فتح القاعة، وهناك مؤشرات على أن حفلات توقيع «كارت أحمر للرئيس» ستشهد خشونة أكبر من الكتاب السابق.
لكن كتاب الأيام الأخيرة موجود لدى باعة الصحف وفى المكتبات؟
دار النشر التى أصدرت الأيام الأخيرة تلقت خطابا من جهة سيادية لوقفه، لكنها لم تتحرك لتنفيذه، كما استدعتنى جهة سيادية أخرى بسبب إحدى مقالات «الأيام الأخيرة» وأشعر دائما أن هناك حالة من الاستفزاز المبطن تحت الجلد يظهر فجأة ويتوارى أحيانا، و«الأيام الأخيرة» جرى طبعه عشر طبعات سرية، وعموما تضييق السلطات على أى كتاب يكون فى مصلحته.
كيف تصف علاقة عبدالحليم قنديل بالنظام؟
أنا ليس لدى أى ملفات يمكن لأجهزة الأمن فى دولة أمنية أن تستخدمها فى الضغط علىّ، لأننى دربت نفسى منذ بدأت عملى الصحفى ألا أتعامل مع الأغنياء والسفراء والوزراء سواء كانوا صالحين أو طالحين، وهذه مشكلة كثير من الصحفيين والكتاب المصريين الآن لأن كثيرا منهم لديهم مناطق معينة تمارس الضغوط عليهم من خلالها، كما لا تؤثر فى تقلبات الرزق كثيرا، وهذا الوضع ليس مريحا لأسرتى وغير مريح لأعدائى أيضا فلم يستفيدوا من ضغوط مارسوها علىّ بالفعل، وهذا مصدر قوتى.
تعنى أنك أصبحت خارج السيطرة؟
أنا أول صحفى مصرى يضع الرئيس ومؤسسة الرئاسة فى عين العاصفة بإخضاع الرئيس للنقد، وهى تجربة غير مسبوقة فى التاريخ المصرى، وما يشعرنى بالامتنان أن هذا الهدف تحقق، بصرف النظر عن موقعى الحالى «فى الشارع» فأنا صنعت إنجازًا ودفعت ثمنه.
ما الثمن الذى ترى أنك دفعته؟
آخر شىء ما حدث لى فى صوت الأمة، فقد خرجت منها بضغوط من الأمن والرئاسة، هذا غير ما حدث لى منذ 2004 بمنع مقالى فى الراية القطرية، ثم حادث الضرب فى 2004، وإسقاط ضياء الدين داوود فى الانتخابات 2005، وتقرير المجلس الأعلى للصحافة فى 2006، عموما أنا مدرك لحقيقة أنه لا يمكننى العمل بطريقة مريحة.أنت غير مريح بالنسبة للنظام؟نعم، ومارسوا كل أنواع الضغوط المباشرة وغير المباشرة، ضغطوا على ضياء الدين داوود لمنعى من الكتابة، وعندما لم ينجح الضغط حاولوا تجويعى من خلال منع مقالى، ثم حاولوا إذلالى نفسيا بحادث الضرب، وهكذا، هذا غير رسائلهم المباشرة التى كانت تصل لى عبر وسطاء، ومنهم مصطفى كمال حلمى، وزكريا عزمى، وكمال الشاذلى، وصفوت الشريف عندما كنت رئيس التحرير التنفيذى لجريدة العربى.
هل فشل النظام فى إسكاتك أم أنه لا يرغب فى ذلك؟
السلطة تندم على أنها لم تتخلص منى بالقتل فى 2004، لكن صعوبات التخلص منى الآن أكبر بكثير، قارنى مثلاً بين رد فعل الجماعة الصحفية على اختفاء رضا هلال، وعلى حادث الضرب الذى تعرضت له بعدها بفترة قصيرة، رضا هلال أذيب فى حمض كبريتيك.. التجاهل بسرعة، رغم أن ما حدث له شىء مفزع وتطور غير مسبوق، لتتأكدى من أننى فى حماية رأى عام قد لا يكون له ثقل حاسم فى المجتمع لكنه مؤثر، والدليل أن بيان الائتلاف تضمن عبارات من نوع «الإنهاء السلمى لحكم مبارك» ووقع عليه شخصيات عامة لها احترامها وثقلها، إذن هناك قدر من الحماية المعنوية، والناس عارفة إنى تعرضت لهذا الأمر بسبب نقد السلطة، وهذا سبب استفزاز الجماعة الصحفية وتضامنها معى من جهة، وسبب ندمها على عدم التخلص منى.
لكن هناك من يرى أنك لعبت دورا غير مباشر فى الترويج لفكرة التوريث؟
«الكلام ده أنا بسمعه وبضحك لأنه معناه لوم الضحية» هل يظن أحد أننى ابتدعت فكرة التوريث، فراقت فى عين جمال مبارك «وقال دى فكرة حلوة» جمال مبارك فرض على المصريين فرضا، والحملة هى التى فضحته، مخطط التوريث عكس نفسه فى الصحف القومية منذ عام 2000، وبالتالى عكس نفسه فى النقد أيضا، دور المعارضة إنها ارتفعت بسقف النقد، وتحدينا دور الأمن فى الصحافة المصرية.
ماذا تعنى تحديدا بدور الأمن فى الصحافة؟
كل التشكيلات الصحفية فى الصحف القومية تشكيلات أمنية، وقطاع الصحف الحزبية تم تدجينه من خلال التحكم فى رخص الأحزاب، والعبرة فيما حدث لجريدة الشعب، ولأيمن نور. أما القطاع الثالث وهو الصحف المستقلة فروضوه بشكل أيسر لأن طبيعة طبقة رجال الأعمال فى مصر هى «رأسمالية المحاسيب» الذين صنعوا ثرواتهم بقربهم من دوائر الحكم، ويسهل الضغط عليهم، وهذا ما أعنيه بدور الأمن فى الصحافة.
ذكرت رضا هلال، لماذا برأيك نفضت الجماعة الصحفية يدها من هذه القضية؟
هذا شىء يثير استيائى، لكن رضا هلال ضحية أمرين، فهو ماركسى وشبه معارض جرى تكييفه على طريقة للخلف در التى حدثت لكثير من الصحفيين، وبالتالى كانت توجهاته وآراؤه بلا شعبية فى أوساط الجماعة الصحفية، الأمر الآخر هو تواطؤ جريدته الأهرام مع اختفائه فقد أغلقت الموضوع ولو كانت تبنته لكان الوضع اختلف، وعموما الجماعة الصحفية فى مصر تعانى من انعدام حالة التضامن بشكل عام
تقول إن بينك وبين النظام «ثأر عائلى»، وهذا واضح من خلال اختيارك لعناوين كتبك؟
«أنا أصبحت موضوعا على طاولة الغذاء لرؤوس الحكم» وأنا أعتبر نفسى صحفيا وكاتبا، وقد أقول أيضا داعية للتغيير، وليس لى أى طموحات سوى الكتابة، إنما كل ما جرى لى من مطاردة محمومة من قبلهم جعلنى أتأكد من وجود هذا الثأر، فمثلاً كل نظام سياسى يميل عادة إلى احتواء معارضيه، إنما النظام لدينا ليس له أساس اجتماعى ويتكئ على عصا سليمان وهى العصا الأمنية، والعائلة تحس أننى انتهكت قداستها، هذا ما خلق الثأر من جانبهم، أما من جانبى أنا فلا يمكننى نقد النظام السياسى دون نقد العائلة، فالعائلة والنظام «حاجة واحدة».
وما علاقتك بالمعارضة؟
علاقة مضطربة، فأنا جزء من تيار المعارضة الجديدة، كفاية وأخواتها و6 أبريل، وهو تيار يعبر عن حالة القلق المصرى وهو قلق واقعى لكنه غير مبصر، ولا يعرف بالضرورة المكان الذى يريد الذهاب إليه، وهناك فارق بيننا وبين المعارضة التقليدية سواء الملاكى فى الأحزاب، أو معارضة الإخوان التى تشترك مع النظام الحالى فى نفس الجوهر الاقتصادى والاجتماعى، والمعارضة تكرهنى علنا أو هى مضطرة لادعاء أنها تكرهنى لصالح العائلة، إنما يكنون لى كل تقدير واحترام فى الخفاء.
لكن ما تسميه بالمعارضة الجديدة ليس خاليا من أمراض المعارضة التقليدية؟
المعارضة الجديدة ليست حركة اجتماعية واضحة المعالم بها يمين ويسار ووسط، وإنما هى مجرد تعبير عن القلق كما ذكرت، ومجهودنا فى كفاية هو أننا نحاول وضع برنامج للقلق المصرى، نحن نرد الاعتبار للسياسة، ووارد أن يكون هناك تأثير للأحزاب، لكن يكفى أن أشير إلى أن أربعة من مؤسسى كفاية كانوا أعضاء فى التيار الناصرى، ونجاح حركة القلق فى تحديد طريقها يحتاج إلى مدى زمنى طويل.
كم سنة؟
إنهاء النظام القائم لن يكون ثورة مكتملة، إنما مجرد «فك عقدة». فالأحزاب سيرتها انتهت لجنازة، والنقابات المهنية جرى كبتها منذ التسعينيات، وقبلها النقابات العمالية فأنت إزاء وضع مجحف، ولا إمكانية لإصلاحه فى ظل الوضع العائلى القائم، نحن فى محنة وأكذب على الناس لو قلت إن أمامنا طريقا واضحا، تفكيرى أن فك اللعنة بإنهاء النظام الحالى سيحدث سيحدث، وما نقدمه فى الائتلاف هو السيناريو الأكثر أمانا لكن ليس الأكثر توقعا، لكن كل ثورة ناجحة قبلها عشرات الثورات المجهضة، وهذا لا يعنى أن الثورات المجهضة بلا قيمة، هذا فهم خرافى للتاريخ، فشرط الضمير فوق توقع التغيير، وأنا لا أحجز ضميرى رهينة للجدوى.
يعنى أنت تقر بأن حركة المعارضة الجديدة ليس لها أهداف واضحة؟
أنا أتكلم عن تيار بدأ تعبيرا عن القلق وليس تعبيرا عن فئات مبلورة، وتناقضات اجتماعية ولهذا السبب هى ضعيفة التكوين بدأت من قلق سياسى، ثم ضعفت وتيرته وبدأ القلق الاجتماعى. فرضيتى الأساسية فى الائتلاف هل يمكن مزج الغضب السياسى، مع الغضب الاجتماعى فى مستوى ثالث من الغضب. والدور الجديد لكفاية هو أن تكون عنصرا مساعد فى بناء حركة التغيير. ولذلك على سبيل المثال ضممنا للائتلاف قادة الإضرابات والحركات الأكثر وعياً. ونتوقع أن نلعب دوراً ما فى اللحظة الحاسمة التى بالتأكيد ستباغتنا.
بمعنى؟
لو تغير الوضع الحالى فجأة لا يمكن للنظام أن يواصل الحكم بالطريقة الحالية، سينفجر الشارع المصرى، لأن المصريين سيشعرون أخيراً أن غطاء الكبت انفجر، ووجودنا فى هذه اللحظة ضرورى.
هل تتوقع حكماعسكريا؟
الجيش لا يمكنه حكم مصر بسبب استنفاد صيغة الجيش وسيضطر لوضع صيغة تركية، مزيج حريات ديمقراطية وتحكم مركزى. لكن لن تتكرر صيغة الحزب الإدارى، لأنه لا توجد موارد لعمل رشاوى اجتماعية وسيضطر لعمل محاكمات عامة لمن سرقوا البلد. وساعتها قيمة الائتلاف ستكون فى أنه قطب مدنى اجتماعى معاه برنامج، يمكنه أن يقول للجيش لن نحكم بهذه الطريقة.
لكنك قلت إن الحركة مازالت فى طور وضع البرنامج
؟نحاول حالياً زيادة حجم الحركة عن طريق تكتيكات للربط مثلاً باختيار بديل رئاسى لأن الناس تفهم هذه الصيغة أكثر مما تفهم البرامج والأيديولوجيات، فنحن فى بيئة سياسية متدنية.هل رشحتم أسماء بالفعل؟القضية ليست فى أشخاص، وإنما فى من يقبل المخاطرة. وهناك توقيت معين للإعلان، «ماينفعش قبل الزفة نعمل الكوشة»، نحن نراقب تصرفات الطرف الآخر.
هل تستبعد سيناريو جمال مبارك فى السلطة؟
جمال مبارك لن يحكم مصر رسمياً فى أى وقت، وهناك فرق بين أن تبحث عن عريس وعن رئيس، تعلم اللغات مش مؤهلات رئيس جمهورية.ولكنك تقول إن هناك مخططا لفرضه؟ممكن فرضه على نحو ما يفرض أى شىء، ممكن فرضه بالقوة القاهرة وهى الأمن لكن المشكلة أن الأجهزة الأمنية تنصح ببقاء الوضع الحالى كما هو، لأن أى خلخلة فى الصيغة الحالية غير مضمونة النتائج.
تعنى أن النظام ليس لديه تصور لما بعد مبارك؟
تصورهم الأقرب لظنهم أن يكون الأمر سجالاً على التوريث بالمؤسسة الحاصل منذ 52.هذا الطرح يلغى سيناريو الانفجار الاجتماعى؟لاشك عندى فى أن الانفجار الاجتماعى سيحدث حتى لو تغير النظام، لأن الجزء المهم الذى فعلته حركة القلق الاجتماعى أنها أعادت للمصريين الشعور بالألم، ومزيد من الحريات التى ينطوى عليها مجرد الزوال النفسى للنظام سيشعر الناس أكثر بالألم وبالتالى سيخرجون إلى الشارع. كل الأمور متجهة إلى ذلك. لأن الإذعان يكون مقابل إشباع، لكن إذعان كده لله فى لله، لا حريات سياسية ولا اقتصاد نمور ولا جيوش تسد عين الشمس، لا يمكن احتماله فنحن لسنا الصين مثلاً، والنظام فاشل فى أن يمد فى عمره.
كيف يمكنه ذلك؟
النظام ممكن يمد فى عمره لو تحالف مع الإخوان. لأن جوهرهم الاقتصادى والاجتماعى واحد. فالإخوان هم حزب اليمين الأساسى فى البلاد، أما الجبهة والغد والوفد فهى مجرد عناصر تلقيح وإثارة «شو». الإخوان هم القوة الضاربة فى جذور اليمين المصرى القابلة للتحول الليبرالى حزب عدالة وتنمية. التناقض الوحيد بين النظام والإخوان فيزيائى. هناك احتكاك بين شعب الأمن وشعب الإخوان كأنهم بيتزاحموا فى أتوبيس.
لكن الإخوان ينكرون هذا الطرح؟
جزء كبير من قيادة الإخوان مستعد فى أى وقت لعمل صفقة مع النظام، لكن النظام غير مستعد لعمل صفقة معهم. لأنه نظام احتكارى عائلى لا يقبل شريكاً. ولو فعلها النظام لتمكن من حكمنا 20 سنة قادمة، وتتحقق المصيبة لأننا سنكون تحت نفس النظام بقاعدة شعبية تكونت عبر ثلاثة عقود مما يعطى إيحاء بالتجديد.
إلى أى مدى يمكن أن يتحقق هذا السيناريو؟
أنا لا أتوقعه وده من حسن حظ البلد، فالنظام ليس بوسعه التحالف مع أحد وتوسيع قاعدته، وجزء كبير من قيادة الإخوان لديها هذه الرغبة وده سبب تردد الإخوان. لأنهم مش فاهمين لماذا يحدث لهم ما يحدث رغم فهم النظام تركيبتهم.
لماذا لا تضع سيناريو الإصلاح عن طريق الانتخابات ضمن حساباتك؟
الإصلاح غير ممكن، لأنه لا وجود للانتخابات أصلاً. التجربة الحزبية فى مصر عمرها 33 وسنة ولسه بيقولوا عليها ناشئة وهاتنضج حتى الآن. والناس كانت متمسكة بقشة اسمها الإشراف القضائى لكن التعديلات الدستورية الأخيرة قضت عليها. وبالتالى لم تعد هناك انتخابات. فضلاً عن التزوير، والأساليب الملتوية للمنع. والدليل أمامنا فى انتخابات القناطر وهى الأحدث.
لو مددنا سيناريو الانتخابات على استقامته، ما الذى سيكون الوضع عليه؟
أولاً لن يكون هناك إخوانى واحد فى أى مقعد، وستحدث مذبحة للإخوان والمعارضة الراديكالية رأينا بروفاتها فى المحليات، والتجديد النصفى، والقناطر. وستفرغ اماكنهم لصالح الكومبارسات.
من المرشح للعب دور الكومبارس فى انتخابات الرئاسة القادمة برأيك؟
لا أحد يريد لعب هذا الدور حتى اللحظة. لأنهم رأوا ما حدث لمن اندمج فى الدور فى الانتخابات السابقة أيمن نور فى السجن، ونعمان جمعة فى الشارع. وسيتحدد الكومبارس حسب توزيع الكوتة الأمنية فى الانتخابات البرلمانية. ولا يمكن القياس على الوضع الحالى، لكن لو أردنا ذلك فليس هناك حسب الدستور سوى التجمع والوفد لأن لهما عضوا واحدا فى البرلمان، لكن يمكن البناء عليه فى حالة واحدة وهى حدوث تغير مفاجئ فى الأوضاع.
كيف تقرأ تحركات أيمن نور بعد خروجه من السجن؟
أيمن نور كان شابا نشيطا جدا ودماغه فى الموضوع. انتخابياً لن يتاح له ترشيح نفسه لكنه يفكر بطريقة إن ماحدش يضمن أن النظام يفضل موجود، فهو يبنى لنفسه قاعدة شعبية تحسباً لهذه اللحظة.
إلى أى مدى هو قادر على بناء هذه القاعدة الشعبية؟
نور استفاد من تجربته فى 2005، ولا أحد يقلل من حوافزه الذاتية. لكن أخشى أن شعبيته تتأثر منذ خروجه من السجن لأنه يدلى بتصريحات متضاربة. ولو ظن نور أن الناس أيدته لأنه أيمن نور فهو مخطئ لأنهم أيدوه كصوت احتجاجى، فتردده وتذبذبه يبدد هذه الصورة. وأيمن نور يساعد الدعاية المضادة له بسبب التردد.
حزب الجبهة يطرح أيضاً تصورات معينة حول التغيير، ما رأيك فى أدائه كحزب جديد؟
الدكتور أسامة الغزالى مش طارح نفسه فى قاعدة جماهيرية. بعكس أيمن الذى يعتبر نفسه «كفائى» ويتمتع بنزعة المخاطرة. ولأن الناس فى يأس فهو يتعامل بمنطق اتحرك وبعدين فكر مش العكس.
تعنى أن أسامة الغزالى حرب والجبهة تردد شعارات فقط، بلا تأثير؟
الأحزاب الجديدة فى أزمة بسبب ارتباطها بالرخصة، وبالتالى هى لا تختلف عن الأحزاب التقليدية، ومصيرها واحد. وبالنسبة للجبهة هو حزب غير موجود ولا يحس به أحد فى الشارع السياسى، وكل ما قاله قبل الرخصة من إنشاء تيار ثالث والأغلبية الصامتة وغيره لا أثر له على أرض الواقع. وهو نفس الكلام الذى يردده عصمت السادات، لأنه من نفس الأرضية، وهو أحد مؤسسى الجبهة أيضاً.
تحمّل التمويل الأجنبى مسئولية فشل الحركات السياسية؟
التمويل الأجنبى أفسد الهامش السياسى المصرى، وأورثه الغربة عن الشعور فأصبح غير قادر على تحديد موقف من أمريكا وإسرائيل. فليست هناك فى مصر منظمات حقوق إنسان، كلها شركات، وهذه مسخرة حقيقية. لأنها تنمو كالفطريات، وتدمر المهمات العامة للنشطاء.
لكن هذا الاتجاه اخترق المعارضة الجديدة أيضاً، بدليل ما حدث فى 6 أبريل؟
التمويل الأجنبى ظاهرة مرعبة واجهناها فى كفاية مبكراً عن طريق فرز الأشخاص، ورفضنا على سبيل المثال إدخال أى أشخاص ممولين إلى اللجنة التنسيقية لكفاية رغم محاولات عادل المشد. حدث خلاف فى 6 أبريل ووصلوا إلى نقطة اللاعودة، وانقسمت إلى جبهتين واحدة ليبرالية وواحدة كفائية. ورفعت على قضايا بسبب نقدى للتمويل الأجنبى أكبر من كل ما رفع على بسبب نقدى للعائلة.
من رفع عليك هذه القضايا؟
فريدة النقاش طالبت بتعويض 5 ملايين جنيه بسبب موضوع كتبته دون ذكر اسمها. فهى فى يناير 1996 كتبت فى اليسار مقالا انتقدت فيه التمويل الأجنبى ووصفت الممولين «بمناضلين آخر زمن فى العوامات» وفى يونيو من نفس العام أنشأت فريدة عوامة تخصها اسمها ملتقى الهيئات لتنمية المرأة وحصلت على تمويل قدره 153 ألف دولار من السفارة الكندية، وعندما انتقدت هذا الأمر قالت: إن الاستعمار أخذ حقنا والآن نحن نأخذ حقنا من الاستعمار. وكأنها حصلت على توكيل لتخليص حقنا منه.