الأربعاء، 24 يونيو 2009

"Maybach".. لعنة الرفاهية تلاحق أثرياء العالم

كتبت: ناهد نصر

أعلنت شركة مرسيدس عن عزمها إنتاج ثلاثة موديلات جديدة من سيارتها الفارهة "مايباك" خلال فترة قصيرة، من بينها موديل خاص من المايباك (فتحة السقف) تتمتع بالمزج بين التصميم الكلاسيكى وبعض اللمسات العصرية، وسوف تعرض فى دبى للمرة الأولى قريباً. "Maybach" أو المايباك، واحدة من أكثر السيارات رفاهية ومن أغلاها فى العالم، والاختيار الأمثل لأغنى رجال الأعمال من أصحاب الذوق الرفيع. لكنها لا تخلو من لعنة أصابت بعض مقتنيها. فها هو رجل أعمال هندى يضطر لإعادة السيارة للشركة بعد فترة محدودة من شرائها لأسباب غامضة. فى حين اختفت سيارة رجل أعمال روسى بمجرد دخوله مطعماً فى موسكو لتناول العشاء، وكانت الـ"Maybach" وراء الكشف عن واحدة من أكبر عمليات غسيل الأموال فى نيجيريا. القائمة تطول ولا تخلو من رجال أعمال عرب أصابتهم لعنتها. فما هى حكاية السيارة الأشهر والأكثر إثارة فى العالم، ولماذا لا يقبل عليها رجال الأعمال المصريون.
"مايباك" لعنة لها تاريخ:
ظهرت علامة المايباك لأول مرة فى العالم عام 1921 عندما قرر ويلهلم مايباك مصمم السيارات الألمانى والمدير التقنى لشركة Daimler Gasellschaft تحقيق حلمه فى تصميم سيارة تحمل كل سمات الرفاهية. ظل ويلهلم مايباك وابنه كارل يعملان على تصميم السيارة الحلم لسنوات، حتى واتتهم الفرصة فى عام 1921 لعرض الموديل الأول فى معرض برلين للمركبات. ومنذ ذلك الحين وحتى العام 1940 واصل المصمم العبقرى وابنه تصميم وإنتاج عدد متنوع من السيارات الفارهة. لكن ما حدث فى هذا العام كان كفيلاً بتوقف مؤقت لخط السيارات استمر سنوات طويلة، معلناً عن اللعنة الأولى للمايباك. فقد اندلعت الحرب العالمية الثانية ووجد ويلهلم بحسه التجارى أن التوجه نحو الإنتاج الحربى سيحقق له ربحاً أوفر من الاستمرار فى إنتاج السيارات الفارهة. فعملت الشركة بدأب ونشاط على إنتاج موتورات الدبابات والمدفعيات الثقيلة طوال فترة الحرب. وحين وضعت الحرب أوزارها لم تعاود الشركة إنتاج المزيد من السيارات لينتهى بذلك الفصل الأول من حياة السيارة الأكثر رفاهية فى العالم.
عودة مبهرة لاسم قديم:
لكن حلم السيارة الفارهة التى تتمتع بكل ما يحتاجه الراكب وما يفوق خياله، لم يفارق أذهان مصممى السيارات وكبرى الشركات العالمية، ودائماً كانت ذكرى المايباك فى أذهانهم. فى العام 1997 فاجأت شركة مرسيدس جمهورها فى معرض طوكيو للسيارات بتصميم فريد لسيارة بالغة الرفاهية باسم "مرسيدس بنز مايباك". خطف النموذج عقول وقلوب زوار المعرض، وتزايدت الطلبات على السيارة التى لم تكن حتى ذلك الحين سوى نسخة واحدة فى صندوق زجاجى بالمعرض. شجع الإقبال الجماهيرى القائمين على مرسيدس بالسير قدماً نحو إنتاج سيارة حقيقية ولأنهم يعلمون جيداً قيمة العلامة "مايباك" وتأثيرها على عشاق السيارات الذين لم يكن تفارق أذهانهم صور موديلات المايباك الكلاسيكية فى بدايات القرن الماضى، فقررت مرسيدس أن تخصص فرعاً قائماً بذاته لتطوير وإنتاج السيارة، وأن يكون الاسم التجارى للسيارة هو "مايباك" بدون إضافة اسم المرسيدس إليه. وكان ذلك إيذانا بإحياء المايباك مرة أخرى بعد أكثر من نصف قرن من التوقف.
الألفية.. ميلاد جديد:
ومع بدايات الألفية كان قد ظهر فى الأسواق اثنان من أروع موديلات المايباك وهما (Maybach57) و(maybach62). واختيار الأرقام ليس عشوائياً بل يشير إلى طول كل سيارة بالديسيمتر، فالموديل الأول 57 هو الأنسب لمن يفضلون قيادت سياراتهم بأنفسهم، بينما ذات الرقم 62 فهى السيارة النموذجية لمحبى الاسترخاء وترك مهمة القيادة للسائق.
طول المايباك البالغ 62 ديسيمتر يسمح بمؤخرة طويلة تتيح للركاب الاسترخاء التام على مقاعد كاملة الفرد والثنى.والسعر الذى وضعته الشركة للموديلين يتراوح بين 344.000 دولار، و477.000 دولار.
فى العام 2005 أضيف للمجموعة سيارة جديدة هى المايباك (57s) وتميز هذا الموديل بلمسات خاصة وساحرة تضفى عليها طابعاً رياضياً يؤكده موتورها الرياضى السريع والقوى فى آن، وبلغ سعر هذا الموديل 381.250 دولاراً. وتوالت المويدلات بعد ذلك فظهرت المايباك (62s) بسعر 432.250، ثم المايباك (فتحة السقف) وهى الأعلى سعراً إذ تبلغ مليوناً و350.000 دولار.
"المايباك" سيارة عمولة:
المايباك تتمتع بكل مزايا الرفاهية، فهى بالإضافة إلى شكلها الخارجى الجذاب تتضمن نظاماً للتحكم فى الطقس يتضمن أربعة نطاقات مناخية، وجهازاً لكشف سرعة السيارة والوقت ودرجة الحرارة خارج السيارة، فضلاً عن نظام صوت، وثلاجة. المقاعد الخلفية للسيارة كاملة الاتكاء وتحتوى على نظام تبريد وتدفئة، ويمكن للركاب متابعة الطريق من خلال نوافذ زجاجية عاكسة للأشعة تحت الحمراء. السيارة تشتمل أيضاً على قمرة قيادة ونظام ملاحة ومزودة بتلفزيون ومشغل دى فى دى فى المقاعد الخليفية والأمامية، فضلاً عن وجود شاشتين الـ سى دى فى المؤخرة وسماعتين ونظام إغلاق وفتح أتوماتيكى للأبواب. فضلاً عن جهاز للمساج يحقق للركاب أقصى درجات الاسترخاء. وهى المميزات التى لا تتمتع بها سيارة "رولز رويس فانتوم" المنافس اللدود للمايباك.
وليس التصميم الرائع ولا الرفاهية المطلقة ولا حتى الحنين للماضى الجميل هو فقط ما يجذب زبائن المايباك إليها، بل شعورهم بأن السيارة تعبر عن أدق تفاصيل شخصيتهم. فالقائمون على الشركة يؤكدون أنه من المستحيل أن يخرج من بوابة المصنع سياراتان مايباك تشبهان بعضهما، إذ إن العميل يمكنه اختيار كل قطعة من قطع السيارة، ويسهل من ذلك مرونة الاتصال بين العميل وبين المقر الرئيسى للمايباك عن طريق الوسطاء أو بالفيديو كونفرنس لتحديد الشكل النهائى لسيارتهم من بين 2 مليون اختيار.
يسهل من مرونة تشكيل السيارة وفقاً لرغبة العميل أن تشطيبات السيارة تتم بشكل يدوى، فضلاً عن أن عملاء المايباك يمكنهم إضافة الأحرف الأولى من أسمائهم للسيارة أو إضافة الشعار الذى يرغبون فيه.
هؤلاء أصابتهم لعنتها:
كل هذه المزايا جعلت المايباك الاختيار الأمثل لأغنى أغنياء العالم الراغبين فى التمتع بالرفاهية المطلقة للسيارة التى لا تنتج سوى عدد محدود سنوياً وبناء على طلب العميل. لكن على ما يبدو من يذق حلاوة "المايباك" لابد أن يتذوق مرارتها أيضاً.
جيمس أيبورى رجل الأعمال النيجيرى المدير السابق لشركة دلتا للبترول والرئيس السابق لواحدة من أعنى مقاطعات نيجيريا، أوقعته المايباك فى شر أعماله بعد أن تورط لسنوات فى سلسلة من السرقات والفساد استخدم خلالها أشهر بنوك لندن وسويسرا لإخفاء أمواله المسروقة، فضلاً عن استغلاله لأسماء عدد من الشركات الدولية لعمليات غسيل أموال. إيبورى كان قد اشترى المايباك من لندن عام 2005 بمبلغ 406.600 يورو، ونقلت بسفينة خاصة من لندن إلى جنوب أفريقيا ثم إلى نيجيريا، ودفع إيبورى ثمن السيارة من حساب واحدة من شركاته فى إحدى بنوك سويسرا، وبعد عام واحد من صفقة السيارة الفارهة صورت وسائل الإعلام جيمس إيبورى مكبلاً بالأغلال ومتهماً بغسيل الأموال والنصب على البنوك الإنجليزية.
فيكتور ماركوف البليونير الروسى كانت المايباك سبباً فى إصابته بالاكتئاب الشديد، فقد كان من أوائل زبائن المايباك فى روسيا واشتراها عام 2004 بسعر 530.000 يورو. وبعد ثلاث سنوات وبينما كان رجل الأعمال يغادر أحد مطاعم موسكو بعد تناوله العشاء فوجئ باختفاء سيارته فى أول حادث سرقة للمايباك فى روسيا والعالم، ليخسر عاشق المايباك بالإضافة لسيارته 230.000 يورو، لأن شركة التأمين لم ترد له كامل مبلغ التأمين، وليتحول ماركوف إلى أكبر ضحية سرقة سيارات فى العالم.
موكيش أمبانى رجل الأعمال الهندى وخامس أغنى أغنياء العالم الذى تصل ثروته إلى 43 بليون دولار أمريكى، استورد المايباك من ألمانيا عام 2004، وبعد عامين كاملين فاجئ الشركة برغبته فى استرداد أمواله وإرجاع السيارة مبرراً ذلك بالازدحام المرورى وسوء الطرق فى الهند. ولم يكن هناك وسيلة للتأكد من صحة الأسباب التى أوردها أمبانى إلا أن إصراره على موقفه وتحمله الإجراءات المعقدة لإعادة السيارة وإلغاء التسجيل، والتى كانت مثار حديث الصحف العالمية آنذاك، يؤكد أن دوافع المليونير الهندى كانت قوية.
جاسم الخرافى المليونير الكويتى هو الآخر أصيب بلعنة المايباك، وهو رجل أعمال وسياسى بارز يشغل منصب رئيس مجلس الأمة منذ عام 1999 وهو أيضاً عضو مجلس إدارة عدد من الشركات الاستثمارية الكبرى داخل وخارج الكويت، وهو واحد من عشاق المايباك، إلا أنه بعد فترة قليلة من امتلاكه للسيارة فوجئ أثناء توجهه لتسجيل إحدى الحلقات التلفزيونية فى وزارة الإعلام الكويتية بتعرضه لحادث سير، نجا منه الخرافى بينما تأثرت المايباك، لتصبح سيارة رئيس مجلس الأمة مثار حديث الشارع الكويتى لفترة طويلة، حتى إن بعض من شهدوا حادث السيارة سارعوا بتصويرها بكاميرات الموبايل وتوزيعها على منتديات ومواقع الإنترنت.
يذكر أن سيارة المايباك ليست الأكثر شعبية بين رجال الأعمال المصريين، إذ لم يقتنيها سوى عدد محدود من بينهم طبيب شهير وابن عضو مجلس شعب. فهل أثرياء مصر لا يحبون السيارة الألمانية، أم أنهم يخشون أن تصيبهم لعنتها.

لمعلوماتك
من بين الإضافات الاختيارية التى يمكن للعميل طلب إضافتها، سقف زجاجى مانع لأشعة الشمس (11.670 دولار)، ونظام اتصال متكامل مزود بمكبرات صوت ومايكروفون، ويمكن الراكب من مخاطبة الناس خارج السيارة والاستماع إليهم (1.780 دولار) وحقيبة الحماية الفائقة وتتكلف (151.810 دولار)

منشور فى موقع اليوم السابع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق