الثلاثاء، 13 يناير 2009

إخوان غزة وإخوان مصر

كتبت: ناهد نصر
أقل ما يوصف به أداء جماعة الإخوان منذ العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة، هو أنه مسرحية لاستعراض القوى التى للأسف بلا جدوى. بماذا يمكن أن نصف مثلاً المشهد الكوميدى للنائب الإخوانى على لبن الذى أشهر حذائه فى البرلمان قائلاً: إذا كان الجلاء سيتم من أرض غزة بالحذاء فسنرفعه جميعاً، ومن قال للنائب المحترم إن غزة سيحررها حذاء سيادته. وبماذا نصف شباب المسيرات التى تدورها الجماعة فى المحافظات المصرية تهتف بفتح باب الجهاد. وعن أى جهاد يتحدث الإخوان، ومن أغلق فى وجوههم باب الجهاد، ولماذا لا يجمع قيادات الجماعة جحافلهم المتشوقة للجاهد نحو معبر رفح. لماذا لا يخترق الإخوان المعبر نحو غزة كما فعل إخوانهم فى حماس من قبل. لو كنت فى موقع مسئول لفتحت باب الجهاد على مصراعيه لمجاهدى الإخوان بكل ارتياح. وما معنى أن يسحب نواب الإخوان المحترمين طلبات إحاطتهم لوزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالى بحجة التضامن مع غزة، وهل أطفال غزة أقرب إلى حبل وريد الإخوان المسلمين من طلاب المدارس المصرية الذين لم يحصل أغلبهم على الكتاب المدرسى حتى الآن. ولماذا لم يسحب نائب "الحذاء" طلب إحاطته ضد وزير الثقافة بسبب احتفالية "ابن عربى" تضامناً مع غزة أيضاً، ففى حين كان النائب المحترم يجلو صوته الكريم فى إطلاق صفات الكفر على ابن عربى مستشهداً بقرار برلمانى من أوائل السبعينيات، كانت الدبابات الإسرائيلية قد اجتاحت غزة بالفعل. ولماذا يشعر الإخوان بهذا الانتعاش المثير للدهشة وكأن العدوان على غزة فرصة تاريخية لكى يقول الإخوان "نحن هنا". ولماذا لم يتظاهر الإخوان من أجل أسطوانات الغاز التى اختفت من مستودعات الدقهلية والإسماعيلية والغربية، أو من أجل رواتب عمال النيل لحليج الأقطان فى الغربية والبحيرة، أو من أجل الآلاف من العمال المؤقتين الذين يفصلون من أعمالهم من الإسكندرية إلى أسوان بسبب الأزمة الاقتصادية. لماذا لا يسير الإخوان المسلمين جحافلهم الغاضبة حين يتعلق الأمر بالمصريين. ولماذا لا يتذكرون استعراض قوتهم العددية فى شوارع مصر إلا حين يتعلق الأمر بانتخابات مجلس الشعب أو المحليات أو "غزة". وما الذى فعله الإخوان للمصريين منذ أن وصلوا إلى البرلمان، ولماذا لم يفعلوا وهم يتباهون بحناجرهم فى شوارع مصر.إن جماعة الإخوان المسلمين وإن كانت اللاعب السياسى الوحيد فى ظل غياب أو تغييب كل القوى السياسية الأخرى، لا تهدف إلى الصالح العام، وإنما لصالح الإخوان أنفسهم. تماماً مثلما يفعل إخوانهم فى حماس الذين يتمنون "لو أبيدت غزة عن بكرة أبيها" بينما يبقوا هم فى السلطة ليفرضوا حدود الله على أهل غزة كما يطمح الإخوان فى مصر. إذ لا يهم هذا التيار سوى الوصول الى السلطة، وأن يراهم العالم ويتحاور معهم حوار الأنداد. ولا يهم بعدها لو أبيدت غزة أو غيرها، فإذا كان الحزب الحاكم متهم بالفساد وتغليب صالح قلة على مصالح ملايين المصريين، فالحال لا يختلف عنه بالنسبة للإخوان سوى فى الخطاب. أما باقى التيارات السياسية الأخرى فلا تثريب علينا إن نحن لم نمسسها بسوء، لأنها فى الحقيقة لا وجود لها.